top of page

الاستهلال القصصي\ عبد الكريم الساعدي


عبدالكريم الساعدي\ العراق

الاستهلال القصصي*

مفهومه – براعته – وظائفه – أنواعه القصة القصيرة جنس أدبي تتجلى أهميته في قدرته على مواكبة العصر، واستيعاب حاجات الإنسان والتعبير عن عواطفه وأفكاره بشكل جمالي؛ والقصة القصيرة بنيان شاهق أول ما يطالعك فيه عتبة العنوان وهو ( نص بلا تفاصيل )، والمفتاح الأول للقراءة باعتباره حارساً أميناً يحمي المتن النصي ويوجهه، ويعكس بعداً رمزياً مركزياً من أبعاده. وبعد عتبة العنوان يطالعك عتبة الاستهلال القصصي التي تأتي في مطلع القصة بعد عتبة العنوان، وهو المفتاح الثاني للقراءة ويؤتى به من أجل الولوج إلى تفاصيل المتن النصي، ولهذا فهو يعد من أهم عناصر البناء الفني المتوقف عليه نجاح العمل الأدبي. *براعته: تزداد براعة الاستهلال القصصي من خلال دلالته على المقصود بالإشارة لا بالتصريح، وأن يكون بينه وبين المتن النصي ترابطاً تركيبياً، أي لا يكون منقطعاً عن نصه، بالإضافة إلى اتصافه بالمعنى الصحيح، و الألفاظ العذبة، وحسن السبك. *وظائفه: باعتبار الاستهلال القصصي إشعاع يمتدّ من عتبة العنوان حتى طبقات النص السردي فهو يعمل على إثارة القارئ، ودفعه نحو متابعة مجريات القص وأحداثه والتفاعل معها؛ إضافة إلى تقديم منتخب للعالم السردي من خلال مقصديته ضمن مساحة نموذجيه لطرح المقولة السردية التي تحاول القصة الإعلان عنها، وهو بذلك يعد تمهيداً لعالم القص من أجل البناء الكلي المراد تشييده. *أنواع الاستهلالات: من أجل أن يكون القاص قادراً على تقديم رؤية واعية من خلال عرض الحكاية في المتن السردي وفق أسلوب قصصي متميز ومهم، عليه أن أن يكون مدركاً لأنواع الاستهلالات، كي يرسم للقارئ مقدمة الحكاية، وليس هذا فحسب عليه أن يكون قادراً على ممارسة نوع من أنواع اللعب السردي الحكائي داخل حدود عتبة الاستهلال من أجل استغلال طاقات العتبة البنائية لصالح جوهر الحكاية: 1- الاستهلال الحكائي: استهلال سياقي يعمل على إثارة انتباه القارئ نحو جوهر الحكاية ومركز تبئيرها السردي، فضلاً عن إشاعة مناخ الحكي منذ بداية مشروع القص، وهو ما يعطي القصة بعداً حركياً يغري القارئ بالمتابعة والتوغل في أعماق السرد، وعادة ما يرتبط بالراوي كلّي العلم، أو الراوي الذاتي الجمعي، وقد يركز من خلاله على الشخصية وعلاقتها بالمكان والأشياء المحيطة به لينتهي بالحدث السردي. ويعد الاستهلال الحكائي من أكثر الاستهلالات وروداً في القصص القصيرة وذلك بحكم تسيد عنصر الحكاية وهيمنته على باقي عناصر التشكيل القصصي. 2- الاستهلال المشهدي: وهذا النوع يحتاج من الكاتب ثقافة سينمائية تمكن كاميرته السردية من التصوير والالتقاط ورصد المواقف والشخصيات والزمن والمكان الذي يسهم في تشكيل عتبة الاستهلال المشهدي، من أجل تحويل الصورة القصصية من صورة ذهنية متخيلة عند المتلقي إلى صورة مرئية، لما للثقافة السينمائية من حساسية عالية في تقديم المقولة السردية وتعزيز حضورها في العمل، ويتم ذلك– في الغالب– من خلال تحديد الزمن والمكان السرديين ممتدّاً لبناء المشهد الاستهلالي والتوغل في عمق الشخصية. 3- الاستهلال الوصفي: نوع مغري للقصاصين لأنه يسهّل الدخول كثيراً إلى عالم القصة ومتنها النصي، لأنه لا يحتاج إلى جهد كبير لبناء هذا الاستهلال، على الرغم من أهميته في إضفاء قدر عال من تصوير الشخصية والمكان والفضاء القصصي العام، وتتجلى أهميته من خلال أهمية الوصف الذي يعد أحد آليات السرد القصصي المهمة. 4- الاستهلال الحواري: وهو قليل في القص، لأنّ الحوار عادة ما ياصاحب تفاصيل الحدث السردي، وإذا ما جاء الاستهلال على شكل الحوار، فيجب أن يكون مركّزاً وإشارياً على النحو الذي يناسب بنائية العتبة، ويؤتى بهذا الاستهلال من أجل تحريك الحدث القصصي تحريكاً درامياً. ______________________________________________ • بلاغة الاستهلال القصصي عند سعدي المالح/ جميلة عبدالله العبيدي • الاستهلال السردي في قصة التسعينيات/ وديع العبيدي

اخر المنشورات
 
bottom of page