top of page

هنــالك


ياسين الزبيدي \ العراق

هنــالك

/ قصة قصيرة/

...... هنالك اشرقت الشمس بكسل,فلاحت في الافق البعيد سحابة سوداء تتماوج.......افواج تتقدم نحو اللاشيء,اقدام تائهة,ووجوه نما على اديمها قلق وحيرة,عيون زائغة,بلدة هاربة عن بكرة احلامها واطمئنانها وقراها.الاطفال تشي سحنهم بملامح مهمومة لا تتناسب واعمارهم الغضة,الافواه فاغرة,الشفاه تحكي صورة العطش,بعض الاجساد تواصل السير على امل الوصول لشيء,البعض افترش الارض الضانة بالخير...هنالك رجل ذو كوفية حمراء كان يشعر بالتيه والانكفاء. كأن مسيره ليس له نهاية,ثمة العطش والجوع والضياع هو الآتي من قرى النخيل والجداول والنواعير يحلم بقطرة ماء يبلل بها شفتيه المتيبستين...هو الآتي من مدن البذل والاحضان المفتوحة بمحبة دوما لاحتضان قوافل العابرين والاضياف لايجد الآن لقمة تسكت ضجيج جوعه الذي اذل كبرياءه المتوارثث من سلالات الاجداد....كان يحاول ان ينسى صور القرى العامرة التي تركها خلفه نهبا للخراب...تذكر كل ماله وما لتلك المدينة من شموخ وعز والق فاطلق آهـــــــــــــة وبكى!!!! يا إلهي دموع؟؟!! لاول مرة يبكي ولاول مرة يشعر بالمهانة..تذكر اباه وكيف قال له مرة ان الرجال لايليق بهم البكاء عندما صادر الغريب سلاحه الشخصي:اصفع من صفعك بنفس القوة او زده....كان ينظر بيأس الى الافواج المتموجة مبتلعا ريقه,زافرا زفرة,وبعدما غربت شمس اليوم الذي انطلق في صباحه الكئيب تراءت له جحافل متنافرة,رافعة بدل الأكف بنادق!!تباطأ الركب,بعضهم افترش الارض فيما ظل بعض آخر متخذين من عرباتهم ملاذا لهم من لفح السموم وقسوة الرمال.ساد لغط بين الجموع الحائرة في امر الدخول إلى شيء او لاشيء!!! هكذا تصفعهم عبارة غليظة من افواه الجحافل كأنهم على موعد معها:(((لادخـــول إلا بشرط))!!! حينها امتقعت الوجوه وجحظت العيون وزاد اللغط وظلت الامة التائهة في فضاء موحش لايرحم تنتظر المعجزة...هنالك الرجل ذو الكوفيـــــة الحمراء تناهى الى سمعه شرط البنادق فندت منه ضحكة!!,تناسلت في مخيلته صور لبيوت عامرة بالضياء والالفة,بيوت مفروشة بمحبة سجاد نسجته اكف الامهات,تراءت له صور القناديل المتألقة على الدوام والاضياف الذين يتوافدون زرافات....هناك رنت في ذاكرته فناجين عبقة برائحة قهوة مهيلـــــــــــــــــة..

اخر المنشورات
 
bottom of page